الموضوع عباره عن مقارنه من وجهه نظر شخصيه بين حال الكنيسه فى العصور الوسطى و الشكل الحالى للإسلام, و الدور الذى لعبه رجال الدين فى الحالتين.
الكنيسه الكاثوليكيه فى أوروبا فى العصور الوسطى حتى عصر النهضه
انهيار الإمبراطوريه الرومانيه و بداية المرحله القديمه من العصور الوسطى:
حققت الكنيسه الكاثوليكيه أول و أهم نصر لها فى القرن الرابع الميلادى عندما تبنى الامبراطور كونستانتين الأول فى عام 313 م الديانه المسيحيه كديانه رسميه للإمبراطوريه الرومانيه بناء على ميثاق ميلانو الذى أصدره الإمبراطور بعد انتشار الديانه المسيحيه فى أرجاء الإمبراطوريه. و كان الهدف الأساسى من هذا الميثاق ضمان اللإستقرار فى الحكم و القضاء على أى إختلافات عقائديه بين الكيان الحاكم و الشعب و بذلك إرتبطت السياسه بالدين المسيحى منذ تواجده الرسمى.
و فى القرن الخامس الميلادى سقطت الإمبراطوريه الرومانيه الغربيه فى يد القبائل الجرمانيه القادمه من الشمال و يعرف هذا التاريخ ببداية العصور الوسطى عندما انقسم العالم القديم الى جزئين , الإمبراطوريه البيزنطيه فى الشرق و الإمبراطوريه الفرنكيه( Frankish empire) فى الغرب المحكومه من قِبَل القبائل الجرمانيه و القائمه على أنقاض الإمبراطوريه الرومانيه الغربيه.
أدرك الحكام منذ ظهور الديانه المسيحيه بصفتها الرسميه دور رجال الدين كحلقه وصل بين الشعب و الطبقه الحاكمه, و دور الدين فى تهدئه الشعوب و تسهيل السيطره عليها و لذا لجأ الحكام الى تسميه نفسهم بالقديسين, و كان كل حاكم للإمبراطوريه هو قديس يحكم بنظام أوتوقراطى ( Autocracy) , و بحكم هذا النظام فإن كلمه الحاكم فى الأرض هى كلمة الله فى السماء و بذلك أصبح كل من يخالف الحاكم , و لو كان حاكم مقاطعه صغيره هو معادى للإمبراطور ذاته و بالتالى معادى لله فى السماء. و الى جانب هذا تم تقسيم رجال الدين الى مراتب منها قسيس, بيشوب, ارشبيشوب, بطريرك, و بابا الفاتيكان.
بعد هذا التاريخ بحوالى قرنين بدأت قوى أخرى فى الظهور مثل الإمبراطوريه الرومانيه المقدسه فى وسط أوروبا لتحتل ما يعرف الآن بالجزء الأكبر من المانيا, الأجزاء الشماليه من ايطاليا, الأجزاء الشرقيه من فرنسا, و أجزاء من بولندا و التشيك, و الإسلام كقوه وليده فى شبه الجزيره العربيه و شمال أفريقيا, و القبائل السلافيه فى شرق أوروبا. فى هذا الوقت كانت أوروبا تعيش حاله من التفكك فبرغم وجود إمبراطوريتين عظيمتين الإ أن أوروبا الغربيه كانت تعيش حاله من الضعف مما إضطر الحكام الى رفع مستمر للضرائب لدفع مرتبات الجيش و لضمان استقرار حكمهم, و عندما وجدوا أنفسهم فى حالة عجز عن تقديم المطالب الأساسيه للشعب كان الدين دائماً هو الحل للقضاء على أى ثورات, فاستخدموه لإرهاب الشعب, و لأن الجهل كان هو السمه الغالبه على أغلب الناس, كان رجال الدين بمثابه المنقذين و المرشدين الى الله, و بهذا صنعوا من أنفسهم وسيط بين الدنيا و الآخره, فمن أراد رضا الرب وجب عليه إرضاء رجال الدين. و وضع رجال الدين مزيداً من البدع المختلقه لخدمه أغراضهم و ضمان تدفق الأموال على الكنيسه و الأهم حماية أنفسهم من الحاكم و خلق توازن قوىَ بينهم و بينه, فأستقدموا صكوك الغفران, و الإعتراف, و طلب الرضا أو الصفح من الرب عن طريق طلبه من القس. كما استخدموا سلطتهم لقمع كل المشككين فى تعاليمهم الواهيه, فاتهموا الكثير من العلماء و الفلاسفه بالهرطقه أو الكفر بالله و العجائز بأنهم ساحرات, و إختلقوا الكثير من القصص عن الشياطين و العفاريت و كيف أن الخلاص يكمن بالرجوع للكنيسه و أن الإنجيل هو القادر على القضاء على هذه الشرور. و بذلك حاصروا البسطاء من جهتين, إما مؤمن بما يقوله رجال الدين أو كافر, لا يوجد وسط ولا يوجد مجال للإجتهاد و التقصى.
الحروب الصليبيه و العصور الوسطى الحديثه :
فى عام 1059 م تلقى البابا اربان الثانى رساله من الإمبراطور البيزنطى أليكسيوس الأول رساله يطلب فيها العون على السلاجقه الأتراك. كانت هذه الرساله بمثابة فرصه عظيمه للبابا الذى تمنى توحيد الكنائس الشرقيه الأرثوذكسيه تحت قيادته و القضاء على الخلافات الطائفيه بين الكنيستين. و فى مجلس كليرمونت الذى اعتبر بمثابة مجلس الحرب على المسلمين ندد البابا بالانتهاكات التى يتعرض لها الحجاج الى بيت المقدس و كيف أن بيت المقدس يجب أن يكون تحت حكم الفاتيكان أو على الأقل تحت حكم مسيحى. لاقى هذا المجلس إقبالاً من الجميع. الملوك لخوفهم من توسع سلطة المسلمين,السلاجقه الأتراك فى شرق أوروبا و الفاطميين فى أيبيريا و حوض البحر المتوسط, و البسطاء لرغبتهم فى نيل الرضاء من رجال الدين أو الحصول على مكاسب ماديه فى وقت كانت فيه أوروبا الغربيه ولايات تتصارع مع بعضها كان هذا النداء بمثابة أمل فى توحيد الجميع. استمرت الحروب الصليبيه قرابه المائتين و خمسين عاماً زادت فيهم الفجوه بين الشرق و الغرب و خسرت الامبراطوريه البيزنطيه و الممالك الأوروبيه أكثر مما ربحت.
أهم المآخذ على الكنيسه فى العصور الوسطى:
1- تهمة الهرطقه: تراوحت عقوبه هذه التهمه ما بين تجريد المتهم من أملاكه, أو تعذيبه الى الحكم عليه بالموت بقطع رأسه. فى المرحله القديمه من العصور الوسطى قلما حكُم على متهم الهرطقه بالموت و كان الكردينالات يعمدون عوضاً عن ذلك بتجريد لمتهم من أملاكه و سلطاته و كان المتهمون فى بعض الحالات رجال دين ايضاً. فى المرحله المتوسطه زاد استخدام هذه التهمه و خاصةً بين رجال الدين المتنافسين سياسياً, و لم يسلم العلماء والمفكرين و الأدباء من هذه التهمه و فى أغلب الحالات حُكم على المتهمين بالموت. حتى هؤلاء الذين لم يهاجموا الدين صراحة و انما دعوا المراجعه أو حتى اعادة النظر. لم يواجهَ المتهمين بالتهم بشكل صريح وانما كانوا مدعوين للإعتراف و طلب الصفح, عن ماذا؟ هذا ما وجب عليهم تخمينه, و لم يسمح للمتهمين بمواجهه المدعين أو سؤالهم و كان من حق المجرمين أو الأشخاص سيئى السمعه الشهاده ضد الهراطقه, و كانت هذه هى الحاله الوحيده التى تقبل فيها شهاده لمثل هؤلاء الأشخاص, كما لم يكن من حق المتهمين نقض الحكم الصادر ضدهم.
2- محاكمات الساحرات: ظهرت محاكم الساحرات لأول مره فى القرن الخامس عشر, و بها حاولت الكنيسه تخويف البسطاء من خطر الساحرات الذين يطيرن على مقشات سحريه و يشكلوا حركه سريه فى محاوله لإزاحه حكم الكنيسه و تحويل حياة الناس الى جحيم, و لهذا وجب على كل الناس التعاون مع الكنيسه و التسامح مع ظلمها فى سبيل القضاء على الشر, و الى يومنا هذا يوجد نموذج مماثل فى كل الدول الديكتاتوريه و إن اختلفت المسميات و الأديان. و يقدر عدد من ماتوا حرقاً فى الإمبراطوريه الرومانيه المقدسه و سكوتلاندا بحوالى 100,000 ساحره. و استمرت هذه الظاهره حتى منتصف القرن الثامن عشر.
3- ابتزاز الكنيسه للناس: و كانت هذه الابتزازات فى شكل هبات للكنيسه فى مقابل تحقيق أمنيه أو طلب الصفح ما يعرف بصكوك الغفران.
عصر النهضه و ظهور البروتسنتيه :
لا يوجد حد تاريخى فاصل ما بين انتهاء العصور الوسطى و بداية عصر النهضه, و انما بدأ هذا العصر ما بين القرن الثالث عشر و الخامس عشر بالتدريج بظهور الكثير من لمفكرين و الفلاسفه و الفنانين فى ايطاليا ثم انتقاله لفرنسا عندما غزا الملك الفرنسى تشارز السابع شمال ايطاليا و منها الى باقى أوروبا, و تميز هذا العصر بظهور الكثير من الأفكار و المبادئ و الأهم حرية الرأى. تزامن مع هذا العصر ظهور مارتن لوثر و مبادئه الخمسه و التسعين فى المانيا و التى شكلت نواة المعتقد البروتستنتى و التى كان معظمها مخالفاً لصميم العقيده الكاثوليكيه. اعتبرت الكنيسه هذه الإصلاحات هرطقه و خروج على تعاليم الكنيسه فى حين أن مارتن لوثر دعا الى العوده الى تعاليم المسيح الأصليه و نبذ المعتقدات التى أدخلها الكاثوليك على المسيحيه و الأهم تقليص سلطه رجال الدين و عدم وضعهم فى مقام أعلى من باقى البشر و بالأخص بابا الفاتيكان الذى يعتبره الكاثوليك المسيحى الذى لا يخطأ. و فى وجه إصلاحات البروتستنت قامت الكنيسه الكاثوليكيه بما يعرف بالإصلاحات المضاده عندما أدركت الكنيسه أن اصلاحات البروتستنت العقلانيه أكثر إقناعاً بكثير من تعاليمهم القائمه على إرهاب الناس, قما قامت فى ذات الوقت بمحاربة البروتستنت بكل الطرق مستفيده بالصلاحيات القانونيه التى تملكها و لا يملكها المعتقد البروتستنتى و قامت بحرق العديد من الرموز البروتستنتيه بتهمة الهرطقه و صادرت و أحرقت ما استطاعت من الكتب البروتستنتيه. مما أدى فى القرن السابع عشر الى قيام حرب الثلاثين عاماً بين الكاثوليك و البروتستنت فى وسط أوروبا.
بعد هذا العصر بحوالى قرن بدأت الغزوات الأوروبيه الى شبه القاره الهنديه و أفريقيا و الأمريكتين و اشتدت الغزوات مع اختراع محرك الديزل و قيام الثوره الصناعيه و مع قيامها بدأت الحضاره الحديثه فى النهوض بما نعرفها فى شكلها الحالى.
فيما يلى نذكر تلخيصاً للعوامل التى أدت الى تنامى سلطة رجال الكنيسه:
1- وجود نظام أوتوقراطى بما لا يسمح لأفراد الشعب فى أغلب الأحيان بأى مشاركه سياسيه و انعزال الناس عن أمور الحكم
2- منح رجال الدين من قبل الحاكم صلاحيات واسعه و وضعهم كعقبه فى طريق ثوره الشعب على الحاكم
3- انتشار الجهل و الفقر و النظر الى الكنيسه بأنها السلوان فى ظل هذه المشاكل.
4- إنماء الكراهيه فى قلوب الناس من قِبل الكنيسه لكل ما هو غير مسيحى, و بذلك ضمنت تغاضى الناس عن كل ما ترتكبه من جرائم.
5- إستخدام الدين لإرهاب الناس و تصوير رجال الدين لأنفسهم بأنهم طريق الوصول الى الجنه
6- تصوير رجال الدين لأنفسهم بأنهم منزهون عن الخطأ و بهذا لم يعد من حق الشعب محاسبه رجال الدين والا اعُتبِر هذا الفعل هرطقه
7- بسبب الجهل أصبح رجال الدين هم المصدر الوحيد للمعرفه, أى أنهم إعتبروا حق المعرفه حكراً عليهم و بذلك فما يقولوه هو ما يقوله الدين و لنفس السبب أصبح كل عالم أو مفكر دنيوى يحاول مجادلتهم هو خطر و شر لزم التخلص منه
مقارنة هذا العصر بالوضع الحالى للإسلام:
هالنتى الفكره اننا كمجتمع اسلامى قد نكون مقبلين على عهد مشابه لما مرت به أوروبا فى العصور الوسطى نظراً لوجود كل العوامل المذكوره آنفاً فى مجتمعنا, فسلطة رجال الدين تتنامى يوماً بعد يوم, و الجهل ينتشر أو الأسوأ أنصاف المتعلمين, و الخطاب العنصرى لكل ما هو غير إسلامى ينتشر و الأهم كراهيتنا تزيد ليس فقط لغير المسلمين و انما لكل شيئ, و الأخطر من هذا و ذاك تأليه الأشخاص.
عرف المصريون الأديان منذ عهد الفراعنه فعبدوا الآلهه المصريه القديمه ثم الآلهه الإغريقيه ثم آمن الناس بالديانه المسيحيه ثم الإسلام. و بطبيعه الحال فالمصريون متدينون و نلاحظ هذا فى كل أشكال حياتنا من ملصقات و آيات قرآنيه فى كل مكان, مروراً بآيات قرآنيه أو أدعيه نذكرها حتى بدون أن ندرى انتهاء بالتزامنا بكل تعاليم الإسلام و المحافظه عليها.
و لو قارنا بين بين عوامل تنامى سلطه رجال الدين فى أوروبا و وضعنا الحالى للاحظنا تشابه شديد, فنحن نعيش فى جو غابت عنه الديموقراطيه, و أصبح رجال الدين فى أغلب الأحيان موظفين معينين من قبل الدوله, و انتشر الجهل و الفقر , حتى مع وجود نظام تعليمى فهو ينتج أنصاف متعلمين, و هذا هو أسوأ نوع من الناس, جاهل لا يدرك انه جاهل, و حاله إقتصاديه مترديه زادت فيها الفجوه بين الأغنياء و الفقراء و قاربت الطبقه المتوسطه على الإختفاء اما للأعلى أو فى الغالب للأسفل. كما أصبح رجال الدين مصدرنا الوحيد للمعرفه و تحول الإعتراض على كلامهم الى خروج على الدين.
و بذلك بدأنا بالفعل فى الخروج عن صحيح الدين, و أصبح الدين بالنسبه لنا مظاهر و عبادات و تناسينا أن الدين سلوكيات و أخلاق. تحول الدين الى جلباب و سواك و ذقن و درس فى المسجد و أفراح اسلاميه و شيخ فى قناه فضائيه, و فى ذات الوقت نظلم بعضنا البعض أشد الظلم. أصبحت كل المعايير عندنا مختلطه و مزدوجه, ثرنا على جريده دانمركيه فى آخر العالم و لم نحرك طرف ضد رجل يسب الدين فى الشارع بداعى و بدون داعى, نثور من أجل الظلم فى فلسطين و نحن نظلم بعضنا, نطلب من حكومتنا قول الحق فى وجه أمريكا و مع ذلك ننافق مديرنا فى العمل, نحرص على صلاة العشاء و بعدها نهين بائع بسيط فى الشارع.
تم تكفير أو مصادرة كل من أتى بفكر يرفضه رجال الدين و سعوا فى بعض الأحيان الى تخريب حياته و هو سلوك لا يختلف كثيراً عن أسلوب محاكمات الهراطقه فى أوروبا, و من أشهر الإصلاحيين المجنى عليهم لويس عوض و القمنى و فرج فوده الذى رفض الإسلاميين أغلب كتبه و اغتالوه و فى النهايه لم تجرمهم المحكمه.
أما الكراهيه فحدث ولا حرج لكل ما هو غير مسلم بالأخص, و لكل شيئ بالأعم. فمثلاً ننتقد احتلال أمريكا للعراق و لا ننتقد الحرب بين الشيعه و السنه, ننتقد اسرائيل و لا ننتقد الفساد فى الحكومه الفلسطينيه, لم يحرك منا أحد ساكناً طوال الحرب الأهليه اللبنانيه و بدأنا فقط فى التحرك عندما احتلتها اسرائيل, و الأمثله كثيره. و اعتبرنا أن الظلم عندما يأتى من مسلم آخر فهو ليس ظلماً, و أكبر دليل على هذا هو الاحتلال التركى لمصر, فالمصريون قاوموا كل احتلال أجنبى لمصر, نابليون, و الحمله الصليبيه الخامسه و السابعه على دمياط, و الإحتلال الإنجليزى, و لم يحركوا ساكناً فى وجه الاًحتلال العثمانى, فقط لأنهم كانوا مسلمين على الرغم مما ارتكبوه من فظائع فى حق الشعب المصرى, و لو كان الحكام الأتراك من الذكاء بحيث أجادوا اللغه العربيه لذابوا فى المجتمع المصرى و لما خرج الأتراك من مصر الى يومنا هذا.
نأتى لمشكله تأليه الأشخاص و هى مشكله المشاكل, و ما يحزن حقاً اننا نحن من يصبغ على الأشخاص صفه التنزه عن الخطأ و ليس رجال الدين أنفسهم فحسن نصر الله هو شخص فوق مستوى النقد و كذلك القرضاوى و عمر خالد, و هذا على سبيل الذكر و ليس الحصر. فكلنا بشر حتى الخلفاء و الصحابه و الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه بشر, و هذه ليست دعوه منى للتطاول و اانما الى عدم جمع كل المواضيع فى خندق واحد و ادراك الفارق بين الله و بين الدين و بين الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله برسالات الى البشر, إذن من غير المنطقى أن ندافع عن الرسول و نحن نهين الله بسبابنا لدينه, و إسائتنا للإسلام بتصرفاتنا و كذبنا و ظلمنا و نفاقنا و مع ذلك نحرص على التعاليم الظاهريه للإسلام و هو قمه النفاق البشرى لله. من ضمن المشكله أيضاً عدم انتقاد خلفاء المسلمين على ما ارتكبوه أحياناً من أفعال مشينه و محاوله طمسها من التاريخ , كذلك الحروب التى قامت بين المسلمين بدايةً من عهد سيدنا على بن أبى طالب الى اليوم اعتبار مثل هذه المواضيع هذه المواضيع لاهوت مقدس لا يسمح بالنقاش فيه. أظن أن مواجهه صريحه مع تاريخنا ليس فقط مع ما نفخر به و انما مع ما نخجل منه هو بدايه لتفادى أخطائنا فى المستقبل.
رجال الدين هم أهم عامل للأمان فى أى مجتمع مؤمن, و على الرغم من أنهم لا ينتجوا سلعه أو خدمه محدده مثل العامل أو المهندس, الا أن وجودهم فى منتهى الأهميه, فهم أهم حائط دفاع ثقافى فى وجه الحضارات الأخرى و المدافعين عن مبادئ الدين الأساسيه فى وجه المشككين و المهاجمين للدين. فلنتخيل مثلاً مجتمعاً مسلماً لا يوجد به رجال دين فى حين أن الجميع يعمل فى مجالات دنيويه. ثم أتى مفكر ملحد بكتاب يهدم كل عقائد الإسلام الأساسيه, من سيرد على تهجماته و يكون مؤهلاً للرد, فى هذه الحاله لا أحد, و بالتالى ستحدث حالة تخبط شديده قد تؤدى الى صراعات أو حتى انهيار المجتمع. إذن فوجود رجال الدين ضروره حتميه, و لكن الأهم أن تكون سلطاتهم محدوده ويكونوا تحت رقابه و حساب مثل باقى أجهزة الدوله و يكون كلامهم محسوب حتى لا تؤدى اختلافاتهم الى اختلاف بين التابعين, و بالتالى فرقه بين الناس, و يجب أن يدرك الناس أن رجل الدين هو رجل دارس للدين و ليس هو الدين ذاته و هو ليس منزه عن الخطأ و أن كل شخص قابل للنقد و المراجعه و الحساب لا ينفذ من هذه القاعده حاكم كان أو رجل دين مهما كانت أهميته.